منذ 7 سنوات | العالم / المستقبل

بدأت قمة مجموعة العشرين في الصين أمس تحت عنوان «نحو بناء اقتصاد عالمي إبداعي ونشط ومترابط وشامل«، بحضور زعماء الاقتصادات الأقوى في العالم، ما استحضر بالضرورة أبرز الأزمات الساخنة ولا سيما السورية، باعتبار أن هذه المناسبة قد تكون الاخيرة للرئيس الاميركي باراك أوباما لاحداث خرق ديبلوماسي يبيّض صفحة عهده، مع اقتراب ادارته من التحول الى «بطة عرجاء» بانتظار الرئيس الجديد، وهو ما يبدو ان موسكو لن تمنحه اياه بسهولة، بعدما تراجعت عن اتفاق بشأن سوريا مع واشنطن، ولو أن البعض يبقي حيزاً من التفاؤل رهناً بما قد يحصل اليوم في لقاء متوقع بين اوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.


وعقد ولي ولي العهد السعودي وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، الذي يرأس وفد المملكة، سلسلة من اللقاءات على هامش القمة في مدينة هانغتشو، كان أبرزها مع بوتين الذي شدد على أهمية استمرار الحوار بين بلاده والمملكة، فيما شدد الأمير محمد بن سلمان على أهمية التعاون بين البلدين لسوق النفط.


فقد اعلن الرئيس الأميركي أن الولايات المتحدة وروسيا تعملان على وضع اللمسات الأخيرة على اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا، واتفق الجانبان على اللقاء مرة أخرى.


وقال أوباما للصحافيين بعد الاجتماع مع رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية «لم نتوصل (لاتفاق) بعد»، وأضاف «لدينا خلافات كبيرة مع الروس في ما يتعلق بالطرفين اللذين ندعمهما، وأيضا بشأن العملية اللازمة لإحلال السلام في سوريا.»



وأوضح إن الطرفين يعملان على «مدار الساعة» على هامش مباحثات قمة مجموعة العشرين في الصين، مضيفاً أن الموضوع السوري يظل «قضية شديدة التعقيد«. وأضاف أن «محاولة جمع كل هذه العناصر المتنافرة في بناء منسجم من أجل المفاوضات مسألة صعبة«.


وتابع الرئيس الأميركي أنه «إذا لم نحصل على موافقة الروس على خفض العنف وتخفيف الأزمة الإنسانية سيكون من الصعب توقع كيف يمكننا الدخول إلى المرحلة التالية.»


وقال البيت الأبيض إن أوباما وبوتين من المرجح أن تتاح لهما فرصة أخرى لحديث غير رسمي على هامش قمة مجموعة العشرين. 


وبدا أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف على وشك إعلان اتفاق يوقف القتال ويسمح بوصول مزيد من المساعدات الإنسانية في المدينة السورية، فوضعت منصتان في قاعة لمؤتمر صحافي مشترك، لكن كيري خرج منفرداً ليقول إن هناك بعض الأمور التي ما زال يتعين حلها، وإن الطرفين سيستأنفان المحادثات الاثنين. ولم يذكر مزيداً من التفاصيل.


وقال كيري إنه يتعين الانتظار لرؤية ما إذا كان الطرفان بإمكانهما التوصل إلى اتفاق. وأضاف «هناك بضع قضايا صعبة تحدثنا عنها وسنعود لمراجعتها.. سأعود أنا لمراجعتها.. واتفقنا على اللقاء صباحاً لمعرفة ما إذا كان يمكن سد الفجوات والتوصل إلى نتيجة حول هذه القضايا.»


وقالت واشنطن إنها لم تتوصل إلى الاتفاق المرجو مع روسيا بشأن وقف العنف في حلب، ملقية اللوم على موسكو التي قالت عنها إنها «تراجعت» بشأن بعض القضايا.


وصرح مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية: «تراجع الروس عن بعض القضايا التي اعتقدنا اننا اتفقنا عليها، ولذلك سنعود إلى عواصمنا للتشاور»، مشيراً إلى أن كيري ولافروف سيلتقيان مجدداً على هامش قمة مجموعة العشرين في مدينة هانغتشو الصينية.


ويجتمع مسؤولون من الولايات المتحدة وروسيا اللتين تدعمان أطرافاً مختلفة في الحرب الأهلية الدائرة في سوريا منذ خمس سنوات منذ أن سافر كيري إلى موسكو في تموز الماضي باقتراح من شأنه وقف القتال.


وسيضمن الاتفاق انسحاب القوات الحكومية من بعض المناطق منها المنطقة المحيطة بحلب للسماح لقوافل المساعدات الإنسانية بالوصول إلى المدنيين المحاصرين وسط القتال. وسيراقب وقف إطلاق النار عن طريق تبادل الروس والأميركيين معلومات استخبارية وتعاونهم عسكرياً سيركز على ملاحقة تنظيم «داعش» وجماعات معارضة أخرى.


ووضع كيري أولويتين لصمود أي اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا وهما تعامل النظام السوري مع أي خرق لوقف إطلاق النار ومراقبة تنامي نفوذ جبهة النصرة التي أعلنت فك ارتباطها بتنظيم القاعدة وتطلق الآن على نفسها اسم جبهة فتح الشام.


وأضاف كيري أن «النصرة هي القاعدة، ولن يخفي تغيير اسمها أهدافها وما تحاول تحقيقه».


ويتطلب الاتفاق أن تقنع روسيا بشار الأسد بالموافقة على تعطيل سلاحه الجوي، وهي خطوة قال لافروف إنها لا تمثل الهدف.


وقال نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي ريابكوف والذي تحدث كذلك على هامش قمة مجموعة العشرين إن روسيا والولايات المتحدة تقتربان من التوصل لاتفاق بشأن سوريا لكن لا يمكن التكهن بتوقيت إعلان الاتفاق.


وأضاف «نتحدث عن أهم الأمور المتعلقة بتطبيق وقف لإطلاق النار... المحادثات المكثفة مستمرة.» وتابع «نوشك على التوصل لاتفاق... لكن فن الديبلوماسية يتطلب وقتاً للتنفيذ. ليس بوسعي أن أبلغكم متى سيتم التوصل للاتفاق وإعلانه.»


وقال مايكل راتني مبعوث واشنطن لسوريا في خطاب اطلعت «رويترز« على نسخة منه إن الاتفاق قد يعلن قريباً وأوضح بعضاً من شروطه. وتقول رسالة راتني إلى المعارضة السورية المسلحة المؤرخة في الثالث من أيلول، إن الاتفاق سيلزم روسيا بمنع الطائرات الحكومية السورية من قصف المناطق الواقعة تحت سيطرة التيار الرئيسي للمعارضة وسيطالب بانسحاب قوات دمشق من طريق إمداد رئيسي شمال حلب.


وأضافت الرسالة دون ذكر تفاصيل أنه في المقابل ستنسق الولايات المتحدة مع روسيا ضد تنظيم القاعدة.


وسيركز الاتفاق على توصيل مساعدات إنسانية إلى حلب حيث أدى تقدم أطراف الصراع إلى قطع إمدادات الكهرباء والمياه عن نحو مليوني شخص في المناطق التي يسيطر عليها نظام الأسد وتلك التي تسيطر عليها المعارضة.


وسيتطلب الاتفاق كذلك أن تتجنب الحكومة السورية وروسيا قصف المناطق التي تسيطر عليها المعارضة بما فيها المناطق التي تنشط بها جماعات معارضة معتدلة بالقرب من جبهة فتح الشام التي كانت تعرف من قبل باسم جبهة النصرة التي تربطها صلات بتنظيم القاعدة.


وحض الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند نظيره الروسي على السعي للتوصل الى «حل سياسي» في سوريا اثناء لقاء بينهما على هامش قمة مجموعة العشرين. وقال هولاند امام بوتين «علينا ان نعمل الآن من اجل حل سياسي يمكن ان نتوصل اليه معاً من اجل السلام في سوريا»، مؤكداً انه وبوتين يتشاطران «هدفاً مشتركاً هو مكافحة الارهاب».


واضاف الرئيس الفرنسي «بالنسبة لسوريا علينا ان نعمل على التوصل الى حل سياسي عبر التفاوض»، ملاحظاً انه «عندما تندلع حروب ونزاعات و(يكون هناك) ارهاب ولاجئون، هناك بالضرورة تأثيرات» على اقتصادَي كل من روسيا وفرنسا في ما يتجاوز «الشعوب المعنية». ودعا هولاند بوتين في مستهل الاجتماع الذي تمكنت وسائل الاعلام من مواكبته لوقت قصير «الى التصدي بشكل مباشر للوضع في اوكرانيا وسوريا».


وفي مستهل الاجتماع اكتفى بوتين بالقول انه بعد ان «بحث بشكل مطول ملفات اقتصادية دولية كبرى» خلال النهار، فإنه يقترح «الاهتمام الان بالقضايا الصغيرة البسيطة التي تعني روسيا وفرنسا». وكان مقرراً ان يستمر الاجتماع نصف ساعة لكنه امتد ليناهز ساعة وربع ساعة، وفق ما قال مصدر ديبلوماسي فرنسي.


وتطرق الرئيس الروسي خصوصاً الى المفاوضات المباشرة بين موسكو وواشنطن حول سوريا والتي قال مسؤولون اميركيون كبار على هامش قمة مجموعة العشرين انها «تراجعت» في نقاط عدة.


ودعا وزير الخارجية الألماني فرانك فالتر شتاينماير روسيا إلى الانتهاء من اتفاق لوقف إطلاق النار في سوريا مع الولايات المتحدة وشدد على ضرورة تسليم المساعدات الإنسانية للمحاصرين في حلب.


وقال شتاينماير «لقد تقدمت الولايات المتحدة بعرضها. وبمقدور روسيا الآن أن تظهر أنها مهتمة بحق في وضع نهاية للقتال في سوريا.» وأضاف «حتى روسيا ليست لديها مصلحة في استمرار القتال في سوريا. فموسكو تعلم كما يعلم الجميع أنه لا يوجد حل عسكري للصراع في سوريا.» وقال إن إنهاء القتال في سوريا ليس بيد موسكو وحدها ولكن «أيضاً بيد لاعبين آخرين داخل سوريا وخارجها لا يريدون إلا استمرار القتال».


وقال متحدث باسم الحكومة الألمانية إن المستشارة أنغيلا ميركل بحثت أيضا الموقف الإنساني «الكارثي» في سوريا مع بوتين خلال اجتماع دام نحو ساعتين على هامش قمة مجموعة العشرين.


وأوضح شتاينماير للصحافيين في أوسلو مساء إن وقف إطلاق النار في حلب هو الشرط الأساسي للمعارضة السورية كي توافق على العودة للمفاوضات. وأضاف «هذا هو الشرط الوحيد الذي تضعه المعارضة كي تكون مستعدة للعودة إلى جنيف من أجل محادثات سياسية.»


وفي سياق آخر، وعلى هامش قمة العشرين في الصين التقى الأمير محمد بن سلمان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وقال ولي ولي العهد السعودي للرئيس الروسي إن التعاون بين المملكة وروسيا سيعود بالنفع على سوق النفط العالمية. وتسعى السعودية وروسيا، أكبر منتجين للنفط في العالم، إلى سبل لدعم سوق النفط الضعيفة.


وأبلغ بوتين الصحافيين أن من المهم لروسيا أن تبقي الحوار مفتوحاً مع السعودية، مشددًا على أهمية الحوار المستمر بين الرياض وموسكو في مختلف القضايا.


كما التقى الأمير محمد بن سلمان رئيسة وزراء بريطانيا تيريزا ماي، وجرى خلال اللقاء بحث أوجه التعاون الثنائي القائم وسبل دعمه، إضافة إلى تطورات الأحداث على المستوى الإقليمي والدولي.


واجتمع ولي ولي العهد السعودي كذلك مع الرئيس الإندونيسي جوكو ويدودو، حيث تم استعراض العلاقات الثنائية بين المملكة وإندونيسيا، وتطورات الأوضاع على الساحتين الإسلامية والدولية.


كذلك اجتمع الأمير محمد بن سلمان مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وجرى خلال الاجتماع بحث العلاقات الثنائية والمسائل ذات الاهتمام المشترك.



أخبار متعلقة



جميع الحقوق محفوظة 2024